مشروع نازامير للبحوث يتضمن موضوع رئيسي للدراسة ألا وهو نساء دولة بنو نصر في غرناطة ودولة بنو مرين في مدينة فاس، والتطور التاريخي، السياسي ، الاجتماعي والثقافي الذي حدث فيهما بنفس الحقبة على جانبي البحر الأبيض المتوسط ما بين القرنين الثالث عشر والخامس عشر. على الرغم من الأهمية الكبيرة التي شكلتها كلتا المجموعتين الأنثويتين في تاريخ هذه الحقبة، فلم يتم منحهم العناية التاريخية التي يستحقونها وما تزال عدم المعرفة الكاملة بشأنيهما موجودة حتى اليوم. وقد ألهم هذا المنعطف تنفيذ هذا المشروع الذي نقوم به، والذي يتمثل هدفه الرئيسي في إعادة بناء حياة هؤلاء النساء وقصصهنّ الشخصية وهوياتهنّ، وإنقاذهنّ من الحجب الذي تعرضن له، والاعتراف بالدور العادل الذي لعبنه في التاريخ. جميعها جوانب سيتم تناولها من منظور متعدد التخصصات ومنظور نسوي، وكذلك من خلال السياق الأوسع للمجتمعات الإسلامية في البحر الأبيض المتوسط في العصور الوسطى.
هدفنا الرئيسي هو إجراء دراسة مفصلة لكل من نساء بنو نصر وبنو مرين بشكل فردي. من هذا المنطلق ، سوف نهتم بكل من نساء (العامّة) ونساء الطبقة الأرستقراطية والملوك (الخاصّة)، آخذين بعين الاعتبار الاختلافات الاقتصادية، الاجتماعية والقانونية بينهنّ جميعاً، فضلاً عن الفروق الدقيقة بجميع أنواعها الموجودة أيضاً داخل كل من الطبقات الاجتماعية التي تم تحليلها. وبالمثل، سنستكشف أشكال حياة هؤلاء النساء، في المجالين الخاص والعام على حد سواء، محاولين تحديد أفعالهنّ في مجالات الثقافة ، الدين ، الاقتصاد ، السياسة أو الدبلوماسية، وحقوقهنّ القانونية، حرفهنّ، فضلا عن تواجدهنّ في المجالات الداخلية والخارجية سواء في المدينة او في الريف. كما سيتم دراسة هويات هؤلاء النساء المتعددة، و ذلك عن طريق تحليل أسماء الأعلام ، أصلهن العرقي (العربيّ، البربريّ، العبريّ، الإسبانيّ) وميولهنّ الطائفية (المسلمون ، اليهود والمسيحيون). وأخيراً، سنتولى تحليل مظهرهن، فساتينهنّ و زينتهنّ، والأدوار التي لعبوها في الحياة الأسريّة والزوجيّة، والمواضيع الحميميّة لصحة المرأة وحياتها الجنسيّة.
بعد دراسة القطاعين النسائيين في دولة بني نصر و دولة مرين، على التوالي، سيتم إخضاعهنّ لدراسة مقارنة. وسيتيح لنا هذا المنظور أن نرسي كلاً من نقاط التقارب والتباعد المشتركة بين الاثنين، مع الكشف عن خصائص كل منهما والقواسم المشتركة سواء من خلال الانتماء إلى العالم الإسلامي في القرون الوسطى (دار الإسلام) أو من خلال قربها الجغرافي، وهو ظرف كان له تأثيرات ونقاط اتصال كبيرة بين النساء من كلا الجانبين.
وبالمثل، سندرج المرأة في بني نصر و بني مرين في سياقها، سواء بشكل فردي أو جماعي، في إطار مجتمعات البحر الأبيض المتوسط الإسلامي في القرون الوسطى والتي تنتمي إليها بالضبط. وسيتيح لنا هذا المنظور تقاطع وجهات النظر بين هؤلاء النساء والقطاعات النسائية في المجتمعات المعاصرة الأخرى، وهو ما يلزم لتحديد التفرد الأكبر أو الأقل لسماتهم وأعمالهم.
وبهذا المعنى، سنتطلع شرقاً إلى جزء أكثر تعمقاً في جهة البحر الأبيض المتوسط، وهو دولة المماليك في مصر (القرن الثالث ـ عشر السادس عشر)، الذي ستكون نساؤه العنصر الرئيسي للمقارنة لأسباب مختلفة: باعتبارها واحدة من أقوى التشكيلات السياسية الإسلامية وأكثرها تمثيلاً في ذلك الوقت. ولوجود تأريخ عربي بشكل وفير في القرون الوسطى والذي يسمح بعمل مسح شامل لمجتمعهم وللنساء التي وجدت بينهم، وهو موضوع تم تخصيص دراسات جديرة بالاهتمام فيه.
يبرر تنفيذ هذا المشروع ندرة الأعمال التي أنجزت حتى الآن على مجموعتي نساء بني نصر و بني مرين التي تركز عليها دراستهم وأهمية تحقيق معرفة علمية متعمقة بشأنيهما لضمان فهم علمي أفضل للتاريخ. ولتحقيق هذا الهدف، سنشارك مجموعة كبيرة من الباحثين و الباحثات الذين لديهم سجل حافل في هذه المواضيع و الذين سيعملون ، للمرة الأولى ، كفريق واحد. وسيتم التعامل مع هذه المهمة من خلال الجمع بين التخصصات المختلفة و ذلك بوجود متخصصين في الدراسات العربية والإسلامية، تاريخ العصور الوسطى، والدراسات الإسبانية وتاريخ الفن. ونتيجة لذلك، نطمح من خلال نازامير إلى المساهمة في معرفة أفضل وأكبر للنساء في العصور الوسطى، وتوليد وجهات نظر جديدة تثري التاريخ وتفتح آفاقاً جديدة للبحث في المستقبل